فصل: سنة أربع وثلاثين وسبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ثمان وعشرين وسبعمائة:

قدم صاحب الروم تمرتاش بن جوبان بعسكره، وذهب إلى السلطان في خواصه فاحترموه.
واشترى النائب دار فلوس وما حولها وزخرفها، وسميت دار الذهب. وأوصل الماء إلى القدس بعد أن عمل الصناع ستة أشهر.
ونقض رخام الحائط القبلي من ناحية الجامع الغربية، فوجد الحائط منحدباً، فنقض كأنه تغير من زلزلة، فأخرب إلى الأرض مساحة خمسين ذراعاً، فبني وأحدث فيه محراب للحنفية، وجدد ترخيم حيطان الجامع سوى المقصورة وأركان القبة.
وكان بالفرايين حريق عظيم. ثم جدد بعده قيساريتان. وفيها في المحرم درس العلائي بحلقة ابن صاحب حمص بحضرة القضاة، فأورد درساً باهراً نحو ستمائة سطر.
ومات بالثغر المعمر الإمام القدوة عز الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن الحسيني الغرافي الشافعي، في المحرم، من ولد موسى الكاظم. سمع من والده، وحليمة بنت ولد جمال الإسلام، والبادرائي، وجماعة. وأجاز له ابن يعيش، وابن رواج. ونسخ بالأجرة. وتفرد مع التقوى، والعلم، والورع. عاش تسعين سنة.
ومات ببغداد الإمام الواعظ مسند العراق شيخ المستنصرية عفيف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن البغدادي ابن الخراط الحنبلي، عن تسعين سنة. مات في جمادى الأولى. وكان مولده في ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين، ومرة كتبه في سنة تسع. سمع من عجيبة كثيراً، وابن الخير، وابن قميرة، وأخيه، والأعز بن العليق، وعبد الملك بن قيبا، وطائفة وتفرد.
ومات بمصر في جمادى الآخرة قاضي القضاة شمس الدين محمد بن عثمان ابن أبي الحسن الدمشقي الحنفي ابن الحريري. ولد في صفر سنة ثلاث وخمسين. وحدث عن ابن الصيرفي، والقطب ابن عصرون، وابن أبي اليسر، وكان عادلاً، مهيباً، صارماً، ديناً، رأساً في المذهب.
ومات في بغدا مفتيها وشيخها جمال الدين عبد الله بن محمد بن علي بن العاقولي الواسطي الشافعي مدرس المستنصرية في شوال وله تسعون سنة وثلاثة أشهر. وكان يذكر أنه سمع من محيي الدين بن الجوزي.
ومات في قلعة دمشق ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني معتقلاً. ومنع قبل وفاته بخمسة أشهر من الدواة والورق. ومولده في عاشر ربيع الأول يوم الاثنين سنة إحدى وستين وستمائة بحران. سمع من ابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر، وعدة. وبرع في التفسير، والحديث، والاختلاف، والأصلين، وكان يتوقد ذكاءً، ومصنفاته أكثر من مائتي مجلد. وله مسائل غريبة نيل من عرضه لأجلها. وكان رأساً في الكرم والشجاعة، قانعاً باليسير، شيعه نحو من خمسين ألفاً، وحمل على الرؤوس رحمه الله.
ومات في الصالحية في ذي القعدة الفقيه المعمر جمال الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عمر بن شكر المقدسي الحنبلي. ولد في رمضان سنة تسع وثلاثين. سمع من النور البلخي، والمرسي، ومحمد بن عبد الهادي، وطائفة.
وقتل نائب الشرق جوبان بهراة، ونقل تابوته فدفن بالبقيع ولم يدفن بمدرسته.

.سنة تسع وعشرين وسبعمائة:

في المحرم نقل كاتب السر محيي الدين إلى عند السلطان. وولي بدمشق شرف الدين حفيد الشهاب محمود. وأصاب كاتب السلطان فالجٌ، وهو علاء الدين بن الأثير.
ووسعت أسواق دمشق، وجددت القنا التي من القنوات بإلزام النائب، واسترحنا من ترسل المياه بعد غرامات كثيرة. وألقيت كلاب دمشق في خندق باب كيسان وفصل بحائط بين ذكورهم وإناثهم، ورجمهم الناس. قيل:بلغوا خمسة آلاف.
ومات بمصر شارح التنبيه نجم الدين محمد بن عقيل البالسي عن تسع وستين سنة. ناب في القضاء لابن دقيق العيد، ودرس بعده بالمعزية القاضي الزرعي. وكان إماماً زاهداً، شيعه الخلق.
ومات في دمشق في ربيع الآخر الصدر نجم الدين علي بن محمد بن هلال الأزدي عن ثمانين سنة. حدث عن ابن البرهان، والقاضي صدر الدين بن سني الدولة، والزين خالد، والكرماني، وطلب، وحصل الأصول، وولي نظر الأيتام. وكان تام الشكل، حسن البزة، ذا كرم وتجمل.
ومات في جمادى الأولى مدرس البادرائية شيخ الإسلام برهان الدين إبراهيم بن شيخ الشافعية تاج الدين عبد الرحمن بن إمام الرواحية أبي إسحاق إبراهيم بن سباع الفزاري المصري الأصل. وشيعه الخلق يوم الجمعة إلى عند قبر أبيه بباب الصغير. وله سبعون سنة سوى أشهر. حضر علي الزين خالد، وسمع من ابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر وعدة. وله مشيخة. وحدث بالصحيحين، وأعاد لوالده، وخلفه في تدريس البادرائية، وفي حلقته بالجامع. وتخرج به أئمة. علق على التنبيه شرحاً كبيراً. وكان رأساً في المذهب، عارفاً بالأصول، وبنحوٍ ومنطقٍ، مع الورع، والتقوى، والتعفف، والكرم. امتنع عن القضاء. وباشر خطابة البلد أياماً ثم ترك. وكان له وقع في القلوب وود.
ومات بعده بيومين شيخ الحنابلة بدمشق العلامة مجد الدين إسماعيل ابن محمد الفراء الحراني عن أربع وثمانين سنة. حدث عن الصيرفي، وابن أبي عمر. وكان قيماً بمذهبه، عالماً بعلمه، لا يغتاب بشراً، ولا يؤذي آدمياً. تفقه به أئمة، ومحاسنه جمة. لم يصنف شيئاً.
ومات بمصر مسندها المعمر فتح الدين يونس بن إبراهيم بن عبد القوي الكناني العسقلاني ثم المصري الدبابيسي، في جمادى الأولى، وقد جاوز التسعين بيسير، وهو آخر من روى عن ابن المقير بالسماع، وبالإجازة عنه، وعن المخيلي، وحمزة بن أوس، وظافر بن شحم، وعدة. وتفرد، وروى الكثير. وكان عاقلاً صبوراً.
ومات بمصر الأديب ناظر الجيش معين الدين هبة الله بن مسعود بن حشيش عن ثلاث وستين سنة. روى عن ابن البخاري وغيره. وله النظم والنثر، وقوة الأدوات.
ومات بدمشق في ذي القعدة قاضي القضاة علاء الدين علي بن إسماعيل القونوي الشافعي الأصولي، شيخ الشيوخ، وصاحب التصانيف والتلامذة، وله إحدى وستون سنة وأشهر. كان قد قدم من الروم في سنة ثلاث وتسعين، فدرس وناظر. وسمع من ابن القواس، والشرف ابن عساكر، والأبرقوهي. وسكن القاهرة مدة. وتخرج به الأصحاب، مع دين، ونزاهة، وصيانة، وحياء، وغزارة علم. رحمه الله.
ومات الصاحب الأمجد رئيس الشام عز الدين حمزة بن المؤيد بن القلانسي الدمشقي، في ذي الحجة، عن ثمانين سنة وأشهر. وكان محتشماً معظماً متنعماً. عمل الوزارة وغيرها. وروى عن البرهان، وابن عبد الدايم.

.سنة ثلاثين وسبعمائة:

قدم على قضاء الشام علم الدين الإخنائي، فاستناب مدرس الشامية زين الدين ابن المرحل.
ونقل من طرابلس إلى قضاء حلب الشيخ شمس الدين ابن النقيب. وولي شمس الدين محمد بن المجد قضاء طرابلس. وولي قضاء الإسكندرية علم الدين صالح الإسنائي، ثم عزل بعد شهرين.
وأنشأ الأمير قوصون جامعاً كبيراً بالقرب من جامع طولون، وجعل لخطيبه في الشهر ثلاثمائة درهم.
ومات بمصر كاتب السر علاء الدين بن تاج الدين أحمد بن سعيد ابن الأثير الحلبي ثم المصري. وكان ذا جاه وأموال وتمكن. مات في آخر الكهولة.
ومات بدمشق سيف الدين بهادر آص المنصوري عن نيف وسبعين سنة. وكان من أمراء الألوف بدمشق. وقبته خارج باب الجابية.
ومات يوم الخامس والعشرين من صفر مسند الدنيا شهاب الدين أحمد ابن أبي طالب بن نعمة بن حسن الديرمقرني ثم الصالحي الحجار ابن شحنة جبل الصالحية. وحدث يوم موته. وله مائة وبضع سنين. سمع من ابن الزبيدي، وابن اللتي. وأجاز له ابن روزبة، والقطيعي، وعدة. ونزل الناس بموته درجة.
ومات بحلب قاضيها فخر الدين عثمان بن محمد بن البارزي، عن اثنتين وستين سنة. حدث بمسند الشافعي عن ابن النصيبي، وحفظ كتباً، وأفتى، وأفاد.
ومات بمكة مفتيها وقاضيها نجم الدين محمد بن محمد بن الشيخ محب الدين الطبري الشافعي عن اثنتين وسبعين سنة. حدث عن عم جده يعقوب بن أبي بكر الطبري. وله إجازة من ابن سدى.
ومات بمصر المحدث الزاهد فخر الدين عثمان ابن شيخنا الحافظ أحمد ابن الظاهري، في رجب عن ستين سنة، سوى أشهر. حضر ابن علاق، والنجيب. وكان مكثراً. ارتحل به أبوه. ونسخ هو بخطه وحدث.
ومات المعمر زين الدين أيوب بن نعمة النابلسي ثن الدمشقي الكحال، في ذي الحجة، حدث عن المرسي، والرشيد العراقي، وعبد الله بن الخشوعي وجماعة. وتفرد. حدث بمصر ودمشق وعاش أزيد من تسعين سنة.

.سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة:

وصل إلى بلد حلب نهر الساجور بعد غرامة كثيرة، وحفر زمن طويل، وفرحوا به.
وعزل ابن مراجل من الجامع بابن الشيرازي. وولي نظر الأسرى ابن الفويرة.
ومات في صفر قاضي الحنابلة عز الدين محمد ابن قاضي القضاة سليمان ابن حمزة المقدسي، وله ست وستون سنة. روى عن الشيخ، وعن أبي بكر الهروي وبالإجازة عن ابن عبد الدايم. وكان متوسطاً في العلم والحكم، متواضعاً.
ومات بمصر العدل بدر الدين يوسف بن عمر الختني في صفر، وله أربع وثمانون سنة. سمع من ابن رواج حضوراً، وصالح المدلجي، والبكري،
والرشيد، والمرسي، وابن اللمط الذي سمع من أبي جعفر الصيدلاني، وتفرد بأشياء.
ومات بحلب نائب السلطنة أرغون الدويدار الذي عمل مدةً نيابة مصر ثم أخر. وكان مليح الحظ، نسخ صحيح البخاري وقرأ في مذهب أبي حنيفة، وحصل كتباً نفيسة. مات في ربيع الأول كهلاً.
ومات مسند حلب خاتمة أصحاب ابن خليل عز الدين إبراهيم بن صالح ابن العجمي من أبناء التسعين. وقد سمع بدمشق من خطيب مردا.
ومات بحلب بعد أيام في رجب أبو القاسم بن علي بن نصر الحراني بن الحبشي، وله ست وثمانون سنة. سمع من عيسى الخياط مشيخته.
وماتت بالثغر كمالية بنت أحمد بن عبد القادر بن رافع الدمراوي، في شعبان، وتسمى ست الناس. روت بالإجازة عن عبد الله ابن برطلة الأندلسي، ومحمد بن الجراح، والشرف المرسي.
ومات بالغرب السلطان أبو سعيد عثمان ابن السلطان يعقوب بن عبد الحق المريني، في ذي القعدة، وكانت دولته اثنتين وعشرين سنة. قارب السبعين، وتملك بعده ابنه السلطان الإمام الفقيه أبو الحسن.
ومات بدمشق الإمام أقضى القضاة جمال الدين أحمد بن محمد بن القلانسي التميمي الشافعي، قاضي العسكر، ووكيل بيت المال، ومدرس الأمينية، والظاهرية، عن اثنتين وستين سنة. وكان عالماً، محتشماً، مليح الشكل، لين الكلمة، حدث عن ابن البخاري، توفي في ذي القعدة.

.سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة:

جاء بحمص سيلٌ فغرق خلقٌ منهم في حمام النائب بظاهرها نحو المائتين من نساء وأولاد. وفي ربيع الآخر تسلطن الملك الأفضل علي بن المؤيد إسماعيل الحموي، وركب بالقاهرة بالغاشية والعصائب.
ثم كان عرس محمد بن السلطان، على بنت بكتمر الكبير، قيل:جهزت بألف ألف دينار، واحتفلوا للعرس بما لا يوصف. وأقيمت بالشامية جمعةٌ، وخطب قطب الدين عبد النور، ثم تقرر كمال الدين بن الزكي.
ونقل إلى كتابة السر من دمشق القاضي شرف الدين أبو بكر بن محمد بن الشهاب محمود وعظم شأنه. وحج مع السلطان. وبعث ابن فضل الله إلى مكانه بدمشق. ونكب الصاحب شمس الدين غبريال بدمشق وصودر وزالت سعادته.
ومات في المحرم الشيخ الكبير المتزهد عبد الرحمن بن أبي محمد القرامزي الدمشقي المقرىء الحنبلي، بجوبر، عن ثمان وثمانين سنة. روى عن ابن أبي اليسر، والمجد بن عساكر، وتلا بالسبع، وتعبد واشتهر، وتردد إليه الكبار.
ومات صاحب حماه الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل بن الأفضل علي ابن محمود الأيوبي الحموي صاحب التاريخ، وناظم الحاوي،- في المحرم- كهلاً. ناب بحماه، ثم تملك اثنتي عشرة سنة. وله كتاب تقويم البلدان، وفضائل، وفلسفة، والله يعفو عنه.
ومات المقرىء الصالح أبو العباس أحمد بن الفخر البعلبكي السكاكيني بدمشق في صفر عن أربع وثمانين سنة. روى عن خطيب مردا، وابن عبد الدايم، وروى كثيراً. وكان تقياً.
ومات بمصر المحدث الإمام تاج الدين أبو القاسم عبد الغفار بن محمد ابن عبد الكافي السعدي الشافعي، في ربيع الأول، عن اثنتين وثمانين سنة. سمع ابن عزون، والنجيب، وعدة. وخرج التساعيات، وأربعين مسلسلات. وطلب، وكتب الكثير، وتميز، وأتقن. ولي مشيخة الصاحبية. وأفتى، ونسخ نحواً من خمسمائة مجلد. وخرج لشيوخ.
ومات بدمشق المفتي العلامة رضي الدين المنطيقي إبراهيم بن سليمان الرومي الحنفي مدرس القيمازية وحج سبع مرات، وبلغ ستاً وثمانين سنة. وله تلامذة.
ومات صاحبنا الفقيه المحدث محيي الدين عبد القادر بن محمد المقريزي الحنبلي كهلاً. حدث عن ابن القواس، وبنت كندي، وكتب، ورحل.
ومات في ربيع الآخر المحدث العالم عماد الدين إبراهيم بن يحيى بن الكيال الدمشقي الحنفي، عن سبع وثمانين سنة. قرأ على ابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر، وأيوب الحمامي، وعدة. وكان فصيحاً يعرب، ثم خدم في المواريث وحصل، ثم تاب وحج وأم بالربوة وغيرها.
ومات بجمادى الأولى بالصالحية فجأةً قاضي الحنابلة شرف الدين عبد الله بن حسن بن عبد الله بن الحافظ، بعد أن حكم يومئذ بالجوزية، وكان ديناً، حيياً، خيراً، عالماً. عاش ثمانيا وثمانين سنة، وله فضائل. روى عن ابن علاق، ومحمد بن سعد، والجمال الصوري، وابن عبد الهادي، وعدة، وتفرد.
ومات زاهد الإسكندرية الشيخ ياقوت الحبشي الشاذلي، صاحب أبي العباس المرسي، من أبناء الثمانين.
ومات صدر الأكابر فخر الدين محمد بن فضل الله كاتب المماليك، ناظر الجيش المصري. وله جلالة، وشهرة، وأوقاف. بلغ ثلاثاً وسبعين سنة. واحتيط على حواصله.
ومات بمصر العدل نور الدين علي ابن التاج إسماعيل بن قريش المخزومي عن ثمانين سنة. توفي في رجب. سمع الزكي المنذري، والرشيد، وشيخ شيوخ حماة، وابن عبد السلام. وحضر عبد المحسن بن مرتفع في الرابعة، وكان صالحاً مكثراً.
ومات دويدار السلطان سيف الدين ألجيه الناصري الفقيه الحنفي كهلاً. وولي مكانه صلاح الدين يوسف بن الأسعد.
وماتت وجيهية، بنت علي بن يحيى بن علي بن سلطان الأنصارية البوصيرية،- وتدعى زين الدار- في رجب بالإسكندرية. روت عن أحمد بن النحاس. وبالإجازة عن يوسف الشاوي، والأمير يعقوب الهدباني.
ومات بدمشق كبير الطب أمين الدين سليمان ابن داوود، في عشر التسعين، درس بالدخوارية.
ومات شيخ بلد الخليل العلامة شيخ القراء برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري الشافعي صاحب التصانيف، في رمضان، وله اثنتان وتسعون سنة. أجاز له ابن خليل، وعرض التعجيز على مؤلفه. وتلا على الوجوهي، وغيره، ورحل القراء إليه.
ومات مدرس المستنصرية العلامة شهاب الدين عبد الرحمن بن محمد بن عسكر المالكي البغدادي، وله ثمان وثمانون سنة.
ومات في ذي القعدة قاضي القضاة علم الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى الإخنائي الشافعي، عن ثمان وستين سنة وأشهر. وكان ديناً، عادلاً. روى عن أبي بكر بن الأنماطي وجماعة. وحدث بالكثير. وكان من شهود الخزانة. ثم ولي قضاء الإسكندرية ثم دمشق.
ومات الفقيه المحدث المفيد فخر الدين عبد الرحمن بن محمد بن الفخر البعلبكي ثم الدمشقي الحنبلي في ذي القعدة وله سبع وأربعون سنة. روى عن الفخر حضوراً، وابن الواسطي، وابن القواس، وارتحل، وكتب، وخرج، وتميز، وأفتى.
ومات بدمشق ناظر الجيش الصدر قطب الدين موسى بن أحمد بن شيخ السلامية، في ذي الحجة عن اثنتين وسبعين سنة، ودفن بتربة مليحةٍ أنشأها. وكان من رجال الدهر. وله فضل وخبرة.
ومات بمصر شيخ الحنابلة شمس الدين عبد الرحمن ابن قاضي القضاة سعد الدين مسعود بن أحمد الحارثي، في ذي الحجة، عن إحدى وستين سنة وأشهر. وكان من العلماء العاملين. حدث عن العز الحراني، والفخر علي، وجماعة. ودرس بأماكن وأفتى.
ومات فجأةً في الحج مع السلطان كبير أمرائه وعينهم سيف الدين بكتمر الساقي وابنه، وخلف ما لا يعبر عنه من صنوف الأموال. وقيل بل ماتا في أول الآتية، ومما وجد له من الخدام مائة خصي.

.سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة:

قدم أمين الملك على نظر الشام، وعلى نظر الجيش فخر الدين بن الحلى. وفي ربيع الأول ولي قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن جملة.
وجددت بالربوة خطبه. وأمسك حاجب السلطان الأمير سيف الدين ألماس، وكان ظلوماً.
ومات شيخ المستنصرية المحدث الإمام تقي الدين محمود بن علي الدقوقي. وحمل على الرؤوس. توفي في المحرم عن نحو من سبعين سنة. روى عن عبد الصمد، وابن أبي الدينة، وابن الساعي. وله جلالة عجيبة، وإفادة للعامة.
وفي ربيع الآخر حول كاتب السر شرف الدين إلى دمشق، وابن فضل الله إلى مصر.
ومات قاضي القضاة شيخ الإسلام بدر الدين محمد بن إبراهيم ابن جماعة الكناني الحموي، صاحب التصانيف في ليلة العشرين من جمادى الأولى، وله أربع وتسعون سنة وشهر. حدث عن شيخ الشيوخ، وابن عزون، والنجيب، والرضي بن البرهان، والرشيد العطار، وابن أبي اليسر، وعدة. وعني بالرواية، ومهر في التفسير والفقه، وشارك في فنون. وكان ذا دين، وتعبد، ونزاهة، وجمد في القضاء. أضر بأخرة وانقطع للطاعة.
ومات في جمادى الآخرة بدمشق مفتي المسلمين شهاب الدين أحمد بن يحيى بن جهبل الشافعي، مدرس البادرائية، عن ثلاث وستين سنة.
حدث عن الفخر علي، وابن الزين، والفاروثي، ودرس مدة بالقدس.
ومات بحماة في رمضان الرئيس المعمر تاج الدين أحمد بن المحدث إدريس بن محمد بن مزيز الحموي، وله تسعون سنة وشهران. ذكر لوزارة بلده، وسمع من صفية حضوراً، وبدمشق من ابن علان، واليلداني، ومحمد بن عبد الهادي، وعدة. وأجاز له إبراهيم بن الخير، وابن العليق.
ومات الإمام المحدث العدل شمس الدين محمد بن إبراهيم بن غنايم ابن المهندس الصالحي الحنفي، في شوال، عن ثمانٍ وستين سنة. سمع من ابن أبي عمر، وابن شيبان فمن بعدهما. وكتب الكثير، ورحل، وخرج، وتعب، ونسخ تهذيب الكمال للمزي مرتين، مع الدين، والتواضع، ومعرفة الشروط.
ومات ببدر محرماً الإمام القدوة الولي الشيخ علي بن الحسن الواسطي الشافعي عن ثمانين سنة. وكان من أعبد البشر. واعتمر أزيد من ألف مرة، وتلا أزيد من أربعة آلاف ختمة. وطاف مراتٍ في الليل سبعين أسبوعاً. رحمه الله تعالى.
وماتت بدمشق المعمرة المسندة أم محمد أسماء بنت محمد بن سالم بن الحافظ أبي المواهب بن صصرى، أخت القاضي نجم الدين، في ذي الحجة، عن خمسٍ وتسعين سنة. سمعت من مكي بن علان خمسة أجزاء. وتفردت، وحجت مرات وتصدقت.

.سنة أربع وثلاثين وسبعمائة:

جاء بطيبة سيل عظيم أخذ الجمال، وعشرين فرساً، وخرب أماكن. وقدم إلى باب السلطان أمير العرب مهنا فأكرم وأعطي ذهباً كثيراً، وعقاراً. وولي الوكالة نجم الدين بن أبي الطيب. ونظر الجامع عز الدين بن منجا. ونقل إلى الحسبة عماد الدين بن الشيرازي، وخلع عليهم يوم عرفة بالطرحات.
وألزم النصارى واليهود بالعمائم الزرق والصفر ببغداد، وهدمت بها كنائسهم، فأسلم رأس اليهود سديد الدولة. وأسقط ببغداد مكوس ومغارم، ودعا المسلمون للوزير محمد بن الرشيد.
ومات بمصر المعمر قاضي القضاة جمال الدين سليمان بن عمر الأذرعي المشهور بالزرعي الشافعي الذي ولي قضاء مصر سنة، ثم قضاء دمشق بعد ابن صصرى. وكان مليح الشكل، وافر الحرمة، قليل العلم. لكنه حكام. درس بأماكن. توفي في صفر عن تسع وثمانين سنة. روى عن ابن عبد الدايم وجماعة.
ومات الأمير شهاب الدين قرطاي المنصوري الذي ناب بطرابلس وتوفي بدمشق في صفر.
ومات الشيخ الضال محمد بن عبد الرحمن السيوفي صاحب ابن سبعين. هلك به جماعة.
ومات بحماة الفقيه القدوة الولي نجم الدين عبد الرحمن بن الحسن اللخمي القبابي الحنبلي الزاهد، عن ست وستين سنة. وحمل على الرؤوس.
ومات بمصر الحافظ العلامة المتفنن فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد ابن محمد بن سيد الناس اليعمري في شعبان عن ثلاث وستين سنة. روى عن العز، وغازي، وابن الأنماطي، وخلق. وخرج، ورحل، وجمع، وصنف. وله النظم والنثر، ومعرفة السير والرجال، واللغة، وبراعة الخط. وتوفي فجأة وله إجازة النجيب وجماعة.
ومات الصاحب شمس الدين غبريال المسلماني بمصر في عشر الثمانين، يقال:أدى ألفي ألف درهم، وأهين وصودر أهله من بعده. وكان صدراً، محتشماً، نبيلاً، محباً للستر على الناس، قليل الشر والأذى، لولا ما وقع في أيامه من زغل الذهب، وتأذى الناس بذلك. وامتدت أيامه بدمشق في سعادة وتنعم. وكان يحب أصحاب ابن تيمية كثيراً ويذب عنهم.
ومات بمصر وكيل بيت المال المعمر المفتي مجد الدين حرمي بن قاسم الفاقوسي مدرس قبة الشافعي. مات في عشر التسعين.
وفي رمضان أوذي قاضي القضاة ابن جملة. وقاموا عليه، وهدد، وأهين، وعزل، وحبس بالقلعة بضعة عشر شهراً. وأخذ المنصب شهاب الدين بن المجد عبد الله.
وعزل من السر شرف الدين أبو بكر، وجاء على السر جمال الدين عبد الله بن كمال الدين محمد بن الأثير الفقيه، شاب عاقل دين.